بقلم دكتورة منى جاد | غرفة العمليات قصص من الحياة

غرفة العمليات   "" قصص من الحياة ""

* تحكى تلك المنضدة المعروفة ب (ترابيزة العمليات) داخل غرفة العمليات  قصص وحكايات تصف حال الدنيا والبشر وتعطى أكبر عظة وموعظة لمن انجرف فى دوامات الحياة ونسى أننا بنو الإنسان أضعف مايكون وأمرنا قد ينتهى فى ثوانى معدودة فحقا أمر الساعة كلمح البصر.

* يستلقى المريض عليها تاركا أهله وأمواله ومنصبه ومسلما أمره إلى الله عز وجل وترى فى عينيه نظرات لاتنسى.  كثيرا ما أقاوم ضعفى ودموعى أمام تلك النظرات ماقبل تخديره والتى سرعان ماتخطف روحى وقلبى الداعى له.

* أما عن الطبيعة البشرية فليست بالغائبة أبدا على ترابيزة العمليات. منهم من أتت لعمل حقن مجهرى متمنية عن لسانها حتى ولو إصبع طفل لتغادر وتأتى غيرها لذات العملية ولكن معها البنات وجاءت لتحدد المولود الذكر غالبا حرصا على الميراث فتغادر وتأتى غيرها لاجهاض جنين مشوه. دنيا وحياة ليست على هوى أحد.

* وللحوادث باع فحدث ولا حرج فمنهم أب سبعينى لاحول له ولا قوة جاء مطعون فى قلبه بسكين من ابناءه فى معارك على أحقية الفوز بالمنزل. أو أم مضروبة على رأسها من بناتها اللاتى تثاقلن من خدمتها. أما عن حوادث واصابات الخلافات الزوجية فتحتاج الى مجلدات لذكرها.

* وكذلك حال زراعة الأعضاء . قصص وحكايات مابين أم تتبرع لابنها العشرينى بكبدها وكلها سعادة وحب غريزى فذاك هو قلب الأم وبين أب ستينى قَبِل أن تتبرع له ابنته الشابة العشرينية البارة به ومازالت زهرة لم تتفتح بعد بكبدها ولا أدرى كيف أعانه قلبه على هذا.

* حتى الرفاهيات تراها على تلك الترابيزة. عمليات تجميل وإن كنت أرى بعضها فى حقيقة الأمر تقبيح وعبث بابداع الرحمن. بعضهم يشفط دهون وآخرون يحقنوها. بعضهم يزيل شعر وبعضهم يزرعه. سبحان الله الشئ ونقيضه رأيته على تلك الترابيزة.

* أما عن الجراحين البواسل فلهم صولات وجولات على تلك الترابيزة فهى ميدان الجراح الذى يثبت من خلاله مهارة تعلى اسمه وترفع قدره. 

حقا ساحة التنافس الشريف بين الجراحين هى ترابيزة العمليات لاحياء أنفس باذن الله. أعتقد ان جميعهم بلا استثناء وأنا معهم تخليوا أنفسهم مرضى على ذات الترايزة فى أى وقت ولحظة وليس ببعيد أبدااااا وعلى هذا الأساس تعاملوا مع مرضاهم.

* حالهم حال باقى طاقم العمليات الشريف العفيف الذى تجده خدم للمريض مابين ساع لستر عوراته أو مابين ناهض لاسعافه بأى شكل حتى ولو على حساب نفسه.

= ترابيزة العمليات لو نطقت حتما ستُبكى الجميع من هول ماحملت ورأت من البشر مابين ناقم وآثم أو مبتلى وراض بحكم الله. 

وأيضاً ذات الترابيزة لو تحركت فستنحنى حتما احتراما للطاقم الملائكى من حولها.

** وأخيراً كلى ثقة بأن ترابيزة العمليات ستكون شفيعة وشاهدة لنا عند رب العباد بما قدمنا ومازلنا نقدم حتى نلفظ أنفاسنا الأخيرة عليها.

#ترابيزة_العمليات