دكتورة منى جـاد تكتب | " جــرح الـمـشــاعـر "
الأربعاء 09/فبراير/2022 - 07:18 م
نمى إلى علمي أن الكلمات الجارحة سُميت بذاك الاسم؛ لما تحدثه من جروح حقيقيّة في المخ؛ تُميت عدة خلايا أو تتلف عملها مسببة نوعًا من العطب في التفكير؛ مما يترتب عليه أن يعاني ذلك الشخص المجروح آلامًا نفسيةً، وشعورًا سلبيًا، وإحباطًا في حياته، وتتغير طبيعته، وحالته المزاجية حتى يلحظُ من حوله.
أما عن الكلمات الطيبة، فقد سُميت بـ"المعسولة" لما لها من أثر يشبه ما يخلفه تناول السكر أو العسل على خلايا المخ من حيوية ونشاط؛ وعليه فإن المقولة القديمة "إن العصا والحجارة يمكن أن تكسر العظام فى حين أن الكلمات لا تؤذي"، أضحت غير صحيحة على الإطلاق.
ولذا نجد أن كثيرًا من الثقافات واللغات ذخرت بكلمات تؤكد ذلك المعنى وارتباط الألم النفسي كمسبب للألم البدني، فعلى سبيل المثال نجد من يردد بأنه "انكوى" من غدر الرفيق وآخر "انجرح" من كلمات زميله القاسية أو "انكسر" حين خذله قريب ذو معزة خاصة، أو أن قلبه "انفطر" حين استهتر خليله بمشاعره، كل هذه الكلمات تحمل بين طياتها وعيًا اجتماعيًا ثقافيًا أصيلًا بارتباط الألم النفسي، وجرح المشاعر كمسبب للألم البدني.
"لماذا نحن البشر نجرح؟!.. بل ونجرح أقرب من لنا!".. الجرح النفسي للمشاعر هو أصعب أنواع الجروح التي يصعب الشفاء منها، وللأسف فإن غالبية الجارحين لا يتخيلون وقع كلماتهم وسلوكياتهم على نفوس الآخرين وحتى وإن وجد منهم من يستفيق يكون بعد فوات الآوان؛ لذا انطق جميلًا أو تحلّى بالسكوت {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}.
"ماالفائدة من جمالٍ يجذبُ العيون دون أخلاق سمحةٍ تملك القلوب؟".. حين وصف الله الرحيم رسوله الأمين - عليه الصلاة والسلام - وصف خلقه وليس حسبه أو نسبه أو منصبه {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، إذا كان رب السماوات رحيمًا بالعباد، فمن نكون نحن حتى لا نرحم بعضنا البعض، ونلتمس لبعضنا البعض الأعذار. أين ذهب السبعون عذرًا في أيامنا الحالية.
رفقًا بالأحباء.