تبنى
الأمم على قيمها واخلاقها , وكلما تمكنت من المحافظه فتره اطول على هذه الثوابت
والتمسك بها , كلما كانت نفوس الشعوب سليمه وحميده وسائره نحو الأذدهار والتطور.
أما
إن انقلبت القيم واندثرت اهميتها أصبح المجتمع مهدد بالأنهيار والأنحرافات وضاعت
قيمه الإنسان .
فلو
اشارنا الى هذه القيم نجد أن من اهم قواعدها هى صفه الحياء.
فالحياء
اساس كل الفضائل والأنضباط الاخلاقى وهو العمود الفقرى للأداب والسلوكيات الراقيه
التى يجب ان يتحلى بها كل فرد فى المجتمع ,وهذا يدفعه الى الحفاظ على عقيده وكرامه
الامه .
فالحياء
هو وقار الذات , فقد خلق الله عز وجل هذه القيمه كقاعده واساس ومنهاج لكل الأديان
السماويه فكانت من اهم الصفات الراسخه للرسل والانبياء والصالحين الحياء والاحتشام
والوقار الفكرى والعقلى وليس الظاهرى فقط.
فنحن
نكتسب الحياء الفكرى من خلال ترويض النفس عن التخلى والبعد عن السلوك القبيح
ومعايشه لواقع الذى لا يتناسب مع ديننا ولا طبيعه وعرف المجتمعات العربيه .
فالحياء
الفكرى والعقلى له عده صور منها الاستشعار بالخجل من جانب الأنسان بخالقه وهذه من
ارقى مظاهر الاستحياء (استحياء العبد من خالقه) وأيضاً الحياء عن كف الاذى وترك
السلوكيات القبيحه قولاً او فعلاً.
سواء
فيما يتصل بالشرف و النزاهه ام الذمه الماليه ام المظهر العام .
فإن
صاحب هذه الصفه انسان عادل لايظلم ولا يغش ولا يكذب , مخلص لا ينافق , رحيم لا
يقسو فشخصيته متحليه بالفضائل ومتخليه عن الرزائل.
فالكثير
من العلماء فرقوا بين الحياء من الله والحياء من الناس فالأول (فرض) والثانى (فضل)
فخلق
الحياء هو الصوره المتزنه والمتكامله للمجتمع السوى الذى يحرص على التحلى بالطباع
والقيم والاداب الساميه.
ولكن
فى ظل هذا العصر واقع بات سائداً فى كثيراً من المجتمعات , فأصبحنا نشاهد ما كنا
نراه غريباً أمس نراه اليوم شئً معتاد ومقبول , فكثيراً من الأفراد أخذوا يبذلوا
الوسع والجهد فى استنباط طرق جديده فى خرق المبادىء والقيم والعرف التى اعتدنا
عليها فى مجتمعتنا العربيه .
فأصبحت
وسائل التواصل الأجتماعى المرئيه تلخص حال ما وصلنا اليه من تخلى عن الاخلاقيات ,
فالكثير بات لا يمارس فقط التعرى الجسدى بل التعرى الفكرى والأخلاقى وعرض الأمراض
الفسيه والاجتماعيه التى يعانون منها بدء من الانفصام فى الشخصيه حتى وصلنا الى
العنصريه فى الرأى وبصور لا تنم عن الحد الادنى من الخجل والحياء او الأحساس
بالمسؤليه اتجاه المجتمع.
رأينا
هذا ايضاً ليس فقط فى وسائل التواصل الأجتماعى عبر الأنترنت ولكن من المخزى ان
نشاهده عير القنوات المهنيه التى تستقطب هولاء بحثا عن متابعين فقط.
فقبل
ايام شاهدت حواراً تلفزيوناً فى احدى القنوات التى كنت احسها ملتزمه الى حد مقنع
بالمهنيه إلا إن الحوار كان مشبعاً بالأسقاطات السخيفه والشتائم والسباب المقزز
والأستهزاء الذى تقاذفه الضيوف امام مرىئ ومسمع كثيراً من المتابعين فى صوره لا
تليق بقناه فضائيه مهنيه ولا تليق بإن نرى مثل هذا السخافات لتنم عن ما يكمن داخل
فكر وثقافه أمه ليس هذا من صفاتها ولا عادتها سابقاً.
فالتعرى
الفكرى سلاح كبير يحارب بيه تقدم وتطور الامم , وطريق للهاويه والفساد والرزيله
لمجتمعتنا العربيه
.فلعل نحتاج فى هذا الوقت ان نرتدى كلاً منا
لباس من الفضيله والمسؤليه ذات التأثير الأيجابى حتى نعبر بالقيم والمبادىْ
والعادات الاصيله الى بر الأمان لنصبح ذات طابع سوى واخلاقى وايجابى كما كنا من
قبل فى الأزمنه الماضيه.