دكتورة فاطمة عيسى تكتب | القدوة في زمن الرقمنة
الثلاثاء 19/مايو/2020 - 11:17 ص
كان لي شرف المشاركة في مؤتمر بلا جدران في جامعة بلا أوراق وهو محفل علمي
دولي عربي تم في ظرف جائحة كورونا ، وهي بحق تجربة فريدة خضتها مع أساتذة عدد من الجامعات العربية بإشراف وتنظيم إحدى المنصات العلمية الإلكترونية، وشارك فيها أكثر من 300 باحث، وأستاذ جامعة يستمعون لعرض البحوث العلمية ويتلقون الدورات، وورش العمل من خلال الشاشة الرقمية، وهاهو الزمن الذي نعيشه في ظل التقنيات المتسارعة ، فنعيش في جو علمي وكأننا في قرية افتراضية صغيرة والمشاركة كانت بهدف تعزيز الإيجابية في ظل ظروف الحجر الصحي، وإكمال نهج قادتنا في مسيرة التطوير والنمو المستدام ، والتأقلم مع عصرالأتمتة القادم الذي قد يزيد
الصعوبات بتقليص الوظائف في ظل إزدياد النمو السكاني .
فهذه الظروف الصعبة فتحت الآفاق للإبتكار، والإبداع، والاستمرار في عملية التواصل العلمي والثقافي، وتطويرللفكر، وهو ما يمكن أن نعتبره استثمار في المعرفة، والاستفادة القصوى من التقنيات، والرقميات فيما يعود علينا بالفائدة الجمة .
فظهرت الإبتكارات في التصدي لكورونا من التعقيم بطائرات التحكم عن بعد إلى الخوذة الذكية لحماية المجتمع التي وظفتها شرطة دبي مؤخ ًرا ، وهذا هو نهج قياداتنا التي تحفز وتشجع على العمل المستمر، التزاماً بمقولة الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة حفظه الله : (العمل هو المعيار الحقيقي للمواطنة، وهو دليل الإخلاص والولاء وبه يتمايز الناس ) فنحن لاشك أننا شركاء في مسؤولية بناء هذا الوطن المعطاء كما
أراد قادتنا .
إن الأزمات التي شجعت على الإبتكارمن جانب ،هي نفسها التي تكشف معادن الناس، فقد كشفت الغطاء عن أصحاب الظهور وراغبي الشهرة الذين تلاشت أضواؤهم وتطايرت أبواقهم فأصبحت هبا ًء منثو ًرا، ولعل هذا يبين لنا القدوات الحقيقية ، وتبرز لشبابنا وأبنائنا من هم القدوات الذين يجب أن نحتذي بهم، فهم قامات العلم الشرعي والفكرالاستراتيجي، والابتكار والإبداع في خدمة المجتمع ، هم الصف الأول في الدفاع عن هذا الوطن المعطاء، فاليوم كما لاحظنا تصدر المشهد من هم أحق بالظهور، كما قال أحد أساتذتنا في اختصاره للهدف المقاصدي : هم الذين تقع على عاتقهم عمارة
الأرض، فقد جئنا إلى الدنيا لنعمرها لا لنعبرها، وهو ماعبر به بقانون التزاجم في هذه الحياة .
ولعل هذا يدعونا إلى ضرورة الرجوع إلى أنفسنا، وتطبيق نظرية التأثير الانتقائي وهو مايسمى ب" القذيفة السحرية " والحذر من الذين يتفننون في توصيل الرسائل المبطنة لتحقيق أهدافهم ، فلا بد من تحفيز قدوات الصف الأول وتشجيعهم، وبيان فضلهم
وإظهار الإجلال لهم؛ فمنهم الطبيب، والمعلم ، والمسعف، وغيرهم.
كما يدعونا إلى تحري الدقة في اختيار مايناسبنا ويناسب مجتمعنا من مؤثرات إعلامية، تؤثر على فكر أبنائنا ولانخلط الخبيث بالطيب، ونكون خير قدوة لأبنائنا في زمن الرقمنه، ولعل هذا يذكرنا بقول المعري :
م َشـى الطـاوو ُس يومـاً با ْعـوجا ٍج ** فـقـلدَ شكـ َل َمشيتـ ِه بنـوهُ
فقـا َل: عـلا َم تختـالو َن ؟ فقالـوا ** بـدأْ َت بـه، ونحـ ُن مقلـِـدوهُ
فخـا ِل ْف سـير َك المعـو َّج واعـد ْل ** فـإنـا إن عـدل ْـ َت معـدلـوه
أمـَا تـدري أبـانـا كـ ُّل فـرع ٍ** يجـاري بالخـُطـى مـن أدبـوه؟!
وين َشــأُ ناشـ ُئ الفتيــا ِن منـا ** علـى ما كـان عـ َّودَه أبـــوه