حسن شومان يكتب | الوقاية خير من العقاب
السبت 04/يناير/2020 - 09:23 ص
صحيفة دبي اليوم
طباعة
تعديل سن الرشد الجنائي مابين الرفض والتأييد!
أن الجرائم التى تقع ممن نصفهم بالأطفال أصبحت كثيرة فى الوقت الحالي، ونشير أن ميثاق قانون حقوق الطفل الصادر من الأمم المتحدة حدد سن الطفل بـ18 عاماً،وأن هناك 189 دولة صدقوا علي ميثاق الأمم المتحدة من بينهم مصر ، حيث قالت المادة الأولي منها:"كل انسان لم يتجاوز 18 عام لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك"، طبقا للميثاق الدولي ..
وقد شهد الراي العام المصري مؤخرا جريمة قتل محمود البنا، والتي جاءت لفتح ملف جرائم الأحداث ، فلم تكن جريمة قتل شهيد الشهامة الأولى ولن تكون الأخيرة، لشاب لم يتجاوز 18 سنة وعلى يد قاتل لم يتجاوز أيضا الـ18 سنة، فمن قبله قصص طويلة من بينها جرائم قتل واغتصاب هزت الرأي العام، بدأت بالطفلة زينة بنت بورسعيد صاحبة الثلاث سنوات التي اختطفها ابن البواب، من أمام شقتها وصعد بها إلى سطح العمارة وحاول اغتصابها، ثم ألقاها من الدور الـ11 لتسقط جثة هامدة، وحكم عليه بالسجن 15 سنة.
ومن زينة إلى "رودينا" بقويسنا بمحافظة المنوفية عمرها 5 سنوات، فشل طفل - بحسب القانون - 17 سنة في اغتصابها فضربها على رأسها بحجر هشمها بالكامل ثم ذبحها بسكين وأخفى جثتها في سحارة الكنبة بمنزله، ومنهما إلى الطفلة "جنى" ذات الـ 6 سنوات، التي اغتصبها طفل يبلغ 17 عامًا، وخوفا من افتضاح أمره قام بخنقها ببنطلون كانت ترتديه ثم ظل يضربها على رأسها للتأكد من وفاتها، وتم محاكمة كل منهما أمام محكمة الطفل ، لأنهم لم يبلغوا سن المسئولية الجنائية ألا وهو 18 عامًا.
العديد من الجرائم البشعة، يفلت أصحابها من عقوبة الإعدام، وفقا للمادة 111 من قانون الطفل ، رقم 12 لسنة 1996، والمعدل بالقانون 26 لسنة 2008، لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذي لم يجاوز 18 سنة كاملة وقت ارتكاب الجريمة، وفي حالة توجيه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار إليهم، ستكون أقصى عقوبة 15 عامًا، ولن تصل إلى الإعدام أبدًا، بسبب خضوعهم ل قانون الطفل ، ومن هنا تعالت الأصوات المطالبة بضرورة النزول بسن الحدث، وسن قوانين رادعة للحد من هذه الظاهرة، وتغير قانون الطفل ليتمشى مع الأحداث الجارية، والحد من انتشار جرائم الأطفال .
السؤال هنا هل من الممكن تعديل سن المسئولية الجنائية للطفل والنزول به الي١٦ عاماً ؟
نعم من الممكن التشريع ينزل بالسن إلى 16 عام، كما أن اتفاقية لاهاي حددت سن الطفل 16 عام.
إن المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل تقضي بعدم جواز معاقبة طفل بالمؤبد أو الإعدام على جريمة ارتكبها،
ولكن الانسياق خلف الضغوط المطالبة بتغيير ذلك ، قد يكون من شأنه التأثير علي سمعة مصر دوليا ويضعها في مصاف الدول التي لا تحافظ علي اتفاقاتها الدولية.
لان تخفيض سن الطفولة إلى أقل
من 18 عاما، يفجر قضايا أخرى، منها سن التجنيد الإجباري، ارتفاع معدلات الزواج المبكر، ارتفاع نسب عمالة الأطفال، ومن غير المنطقي أن نحكم بالإعدام على كل
أطفالنا وندمر مستقبلهم، بسبب جريمة واحدة أو حالة خاصة.
ويجب ان تفكر الدولة في تنشيط مراكز الشباب والأندية الرياضية التي تستوعب
الأطفال وتوفر لهم صحة نفسية سليمة، ويصبح التفكير في منع تكرار الجريمة أهم من تغليظ العقوبة.
فرغم بشاعة ووحشية الجريمة التي ارتكبت ضد “محمود البنا”، فإن القانون يجب أن يبقى مجردا لا يتم تغيير قواعده ونصوصه مع كل قضية، لان قانون الطفل المصري علي وجه الخصوص يعد من أعظم القوانين التي تستطيع أن تفخر بها الدولة
وتم تدشين قانون فلسفته الأساسية قائمة
علي حماية الطفل وأنه ضحية في كل الأحوال سواء كان جانيا أم مجنيا عليه، فهو ضحية المجتمع والأسرة والتربية والظروف الاقتصادية والثقافية والتعليمية، وهذا ما يحتم ضرورة فتح
ملفات دور «لجان حماية الطفل» في كل المحافظات .
ان انتشار جرائم العنف وممارسة الشباب لأعمال البلطجة، التي تشمل القتل أو الخطف أو السرقة وغيرها، يرجع إلى انعدام التربية والأخلاق، فإن الثقافة والتربية لهما دور كبير في تقويم سلوك الشباب، لكن غياب الرقابة داخل الأسرة ساهم في تغذية العنف لدى الشباب منذ صغرهم، كما أنهم يتجهون إلى العنف والبلطجة باعتباره وسيلة لحل مشكلاتهم، فيجدونها بديلا للحوار والتفاهم، ما أدى إلى زيادة الجرائم وضعف الروابط بين الناس.
ونؤكد أن الفن أيضا يعد سببا رئيسا وراء انتشار هذه الظاهرة، فالشباب أصبحوا يقلدون الأفلام والمسلسلات الهابطة، ويفاخرون بقوتهم أمام الآخرين، بجانب التقليد الأعمى ومحاولة إظهار أن قوة الشاب وإظهار عضلاته، تكون بحمل سلاح والتعدي على أي شخص، وهذا يعتبر بسبب غياب دور الأسرة، فكيف لحدث أن يحوز سلاح في حقيبته وملابسه، فالأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى باعتبارها البنية الأساسية للطفل، كما يجب تطوير الخطاب الديني على مستوى عام في المساجد والكنائس.
نعم ليس هناك أي مشكلة في تغير أي قانون، بل انه أسهل شيء يمكن تنفيذه، ولكن الأهم من التعديل هو فلسفة التعديل وحصر الحالات وبحث أسبابها ودراستها،
ولذلك فنحن نري انه اصبح التعديل حتمياً في جرائم القتل أو الاغتصاب يتم محاكمة الأحداث في محاكم الأحداث، ومعاملتهم مثل البالغين، ويتم تعديل القانون لتصل الأحكام إلى السجن المؤبد، غير المشروط أو المشروط او الاعدام .